إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
تفاسير سور من القرآن
66945 مشاهدة
سبب نزول قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ

...............................................................................


وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ أجمع كافة العلماء أن هذه الآية الكريمة من سورة براءة نزلت لما استنفر النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى غزو الروم وفي غزوة تبوك.
كان ذلك في ساعة العسرة، كما يأتي منصوصا في هذه السورة الكريمة، وكان وقت شدة الحر، والأرض في غاية الجدب، وكان في المدينة النخيل حين .. ثمرته، وطابت الظلال والمياه الباردة، فركنوا إلى الدعة وإلى نعيم الدنيا في الظل والثمار والمياه والظلال الباردة.
فركنوا إلى هذا لأن العدو قوي وكثير العدد جدا، والشقة بعيدة والزمان حار، ولذا من تكاسلوا منهم وبخهم الله هذا التوبيخ العظيم في هذه الآية الكريمة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ ؛ أي شيء ثبت لكم يقتضي نكولكم عن الغزو، واختياركم للدعة والراحة على مرضاة الله وإعلاء كلمة الله؟
مَا لَكُمْ أي شيء ثبت لكم؟ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا ؛ أي إذا قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه: انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ انفروا معنا، تهيأوا خارجين متحركين للحرب؛ حرب الروم في سبيل الله؛ لأن القتال والجهاد في سَبِيلِ اللَّهِ هو أعظم أنواع سَبِيلِ اللَّهِ جل وعلا.